للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تُخَصِّصُ وقَدْ تُعَمِّمُ ... لأَصْلِها لكنَّها لا تخْرمُ

وإذا علمتَ أنَّ العلَّةَ تُعَمِّمُ معلولَها الذي لفظه خاصٌّ، فاعلم أنَّ مسلك العلة المعروف بمسلك الإيماء والتنبيه دَلَّ على علة مَنْع قربان المشركين المسجد الحرام بعد عام تسع: أنَّهُم نَجَس، وذلك واضحٌ من ترتيب الحكم بالنَّهي عن قربان المسجد بالفاء على كونهم نَجَسًا في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ثم رتَّبَ على ذلك بالفاء قوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}. الآية.

ومعلومٌ أنَّ جميعَ المساجد تجبُ صيانتها عن دخول النَّجَس فيها، فكونهم نَجَسًا يقتضي تعميم الحكم في كُلِّ المساجد.

واستدل مالك ومَنْ وافَقَهُ أَيضًا على منع دخول الكفار المساجدَ مطلقًا بآية البقرة على بعض التفسيرات التي فُسِّرت بها، وهي قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}. الآية [البقرة: ١١٤]، فقد فُسِّر قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا}؛ أي: ليس لهم دخول المساجد إلا مسارقة خائفين من المسلمين أنْ يطلعوا عليهم فيخرجوهم منها ويُنَكِّلوا بهم، وفي تفسير الآية أقوالٌ غير هذا.

<<  <   >  >>