النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بالنعم التي أنعمها على أسلافهم الماضين، وكذلك يعيبهم بالمعائب التي صدرت من أسلافهم الماضين، لأنهم أمةٌ واحدة، ولأن الأبناء يتشرفون بفضائل الآباء فكأنهم شيء واحد، ولذلك كان جَلَّ وعلا يمتن على هؤلاء بنعمه على الأسلاف، وكذلك يعيبهم بما صَدَرَ من الأسلاف لأنَّهم جماعة واحدة.
وقوله:{الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} أي: التي أنعمتها عليكم كإنزال المن والسلوى، وتظليل الغمام، والإنجاء من فرعون إلى غير ذلك.
و {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} المصدر المُنْسبك من أن وصلتها في محل نصب عطف على: نعمتي؛ أي: اذكروا نعمتي وتفضيلي إياكم على العالمين، والعالمين: جمع عالم، وهو يطلق على ما سوى الله، والدليل على أنَّه يشمل أهل السماء والأرض من المخلوقين قوله جَلَّ وعلا: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} الآية [الشعراء: ٢٣ - ٢٤].
والعالَم: اسم جنس يُعرب إعراب الجمع المذكر السالم.
وقوله هنا:{فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}؛ أي: على عالمي زمانكم الذي أنتم فيه، فلا ينافي أن هذه الأمة التي هي أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أفضل منهم، كما نصَّ الله على ذلك بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ