للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمنت بالله، وإذا كان تصديقًا للبشر عُدِّيَ باللَّام، وهذا معروفٌ من استقراء القرآن كقوله هنا: {أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ}؛ أي: يصدقوكم، ويتبعوكم في هذا الدين الحنيف، ومنه قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: ١٧]؛ أي: بمصدِّقنا في أن يوسف أكله الذئب: {وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}، وقوله: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت: ٢٦]، وجمَعَ المثالين قوله: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: ٦١]، والمعنى أنَّ الله أنكر عليهم الطَّمع بإيمانهم؛ لأنَّهم لا مطمع في إيمانهم، ثم بيَّن صعوبة الإيمان عليهم وبُعدَهُم منه، قال: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ} يعني أتطمعون بإيمان قوم هم بهذه المثابة من العناد، واللَّجاج، وعدم امتثال الأوامر، والحال:

{وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الفريق: الطائفة من الناس، ويجوز انقسام النَّاس إلى جماعات متعدِّدَة، ولا يلزم أنْ يكونوا فريقين فقط، بل يجوز أنْ يكونوا فريقين أو أكثر، ومن هذا المعنى قول نُصيب:

وقال فريقُ القومِ لا وفريقُهُمْ ... نعمْ وفريقٌ قالَ ويحكَ لا نَدْري

اختلف العلماء في المراد بهذا الفريق الذين سمعوا كلام الله،

<<  <   >  >>