للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحرَّفوه بعدما عقلوه، قال جماعة: هذا الفريق هم علماؤهم، ومعنى يسمعون كلام الله: يسمعون كلام الله يُتلى في كتابه التوراة، ويفهمونه، ثُم يُحَرِّفونه من بعد ما عقلوه، أي: من بعد ما أدركوه بعقولهم، فيجدون فيه من صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - أبيض فيحرِّفونها إلى أسمر، ويجدون من صفاته رَبْعة فيحرِّفونها إلى أنَّه طويل مشذّب، ونحو ذلك من تغيير الصفات.

وعلى هذا الوجه فالفريق الذين يسمعون كلام الله هم العلماء؛ يسمعون كتاب الله التوراةَ يُتلى: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} يعني: يبدلونه ويُحَرِّفونه، ويجعلون فيه ما ليس فيه؛ لأنَهم يحلُّون حرامه، ويُحرِّمون حلاله، ويُغيِّرون فيه صفات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وينكرون بعض آياته كآية الرجم وما جرى مجرى ذلك من التحريف، وعلى هذا القول فالفريق: العلماء منهم بالتوراة، وتحريفهم له معروف.

فإذا كان خيارهم وعلماؤهم يعقلون عن الله كلامَهُ في كتابه ثم يُغيرونه، ويُحرِّفونه، ويحملونه على غير محمله فما بالكم تطمعون في أنَّ مثل هؤلاء يؤمنون لكم ويهتدون إلى خير.

الوجه الثَّاني: أن هذا الفريق هم السَّبعون الذين اختارهم موسى؛

<<  <   >  >>