للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضهم: ما علموا أن أوائلكم وقع فيهم المسخ إلا منكم بعضكم أخبرهم بهذا، وعلى هذا فالمراد {بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}؛ أي: ما حكَمَ اللهُ عليكم به من المسخ، والعرب تطلق الفتح على الحكم، وقد جاء في القرآن العظيم، ومنه على التحقيق: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: ١٩]، يعني إنْ تطلبوا الحكم من الله على الظالم بالهلاك: فقد جاءكم ذلك، وهلك الظالم أبو جهل وأصحابه.

ومن هذا المعنى قول الله جلَّ وعَلا حاكيًا عن شعيب:

{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: ٨٩]؛ أي: احكم بيننا بالحق، وأنت خير الحاكمين، وهذه لغة حِمْيَرِيَّة يُسمُّون الحاكمَ فَتَّاحًا والحكمَ فُتاحة، ومن هذا المعنى قول الشاعر:

ألا أبلغْ بني عمرو رسولًا ... بأنِّي عن فُتاحَتِكُمْ غنيُّ

أي: عن حكمكم غني، وهذا قيل به في الآية، ولكنَّه قولٌ مرجوحٌ غير ظاهر؛ والتحقيق إنْ شاء الله هو الأول، ثم إنَّهم قالوا لهم: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أتقولون قول مَنْ لا يعقل، فلا تعقلون أنَّه لا ينبغي لكم أنْ تخبروهم وتحدِّثوهم بما فتح الله عليكم من

<<  <   >  >>