وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣]، وهذان الوجهان في قوله:{لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} إن: هي النَّافية، والمعنى ما هم إلا يظنون؛ يسمعون عند علمائهم قولًا فيقولونه تقليدًا وظنًّا وجهلًا.
والظنُّ قد قَدَّمنا أنَّه يُطلق إطلاقين، يُطلق على الشَّك وهو المراد هنا، وهو المراد في قوله:{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[يونس: ٣٦]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إيّاكم والظنَّ فإن الظَّن أكذبُ الحديث"، ومنه قوله عن الكفَّار:{إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ}[الجاثية: ٣٢]، واصطلاحُ الأصوليِّين: أنَّ الظنَّ لا يطلق على الشكِّ وأن الشك نصفُ الاعتقاد، والظنُّ عندهم جُلُّ الاعتقاد، وما بقي عن الظنِّ من الاعتقاد يسمّونه وَهْمًا، هذا اصطلاحٌ أصولي. أمَّا على اللُّغة العربية فإنّهم يطلقون اسم الظن على الشك.
وقوله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} وَيْلٌ: كلمة عذاب، وهو مصدرٌ لا فعل له من لفظه؛ معناه: هلاكٌ عظيمٌ هائلٌ كائن لهم، وقال بعض العلماء: وَيْلٌ: وادٍ في جهنَّم تستعيذ جهنم من حَرِّهِ ولو فرضنا