ساعي البريد برقية من أحد إخوتي عزيزٍ علي يقول فيها:"لقد تقرَّرَ تسفيري أنا ومَنْ أعول، ولقد خرجتُ في كفالةِ أحدِ الإخوان على أن يحضرني للسفر يوم الأربعاء المقبل"؛ أي: بعد أسبوع واحد.
ولما انتهت الحصَّة وجدتُ سماحة المفتي الشَّيخ محمَّد بن إبراهيم في غرفة استراحة المدَرِّسين فأخبرتُه بالبرقية وما تفيده؛ فما الذي تراه يا سماحة الشَّيخ؟
فقال: هذه أمورٌ لا نتدخل فيها بتاتًا.
فقلتُ له: ابعثوا إذًا مَنْ يقطعُ لي تذكرةَ سفرِ إلى جدَّة، ويحجز لي مقعدًا في أوَّل طائرةٍ إليها.
فقال سماحتُهُ: أثناء السنة الدراسيَّة! ومَنْ لجدوَلِك؟
فقلتَ: أمرٌ عجيبٌ منك هذا يا سماحة الشَّيخ محمَّد، أُخبرك أنَّ وَلَدي في السجن يُرادُ تسفيرُهُ وتُفيدني بعدم اهتمامك بذلك، وتريدُ مني أن أجلسَ أُعلِّمُ لك أولادك؟!
قال سماحتُهُ: وماذا تريدُ بجدَّة؟
قال: قلتُ: لا أكتمُك بأني أريد أنْ آتي ذلك الكافر "قنصل فرنسا" أدفعُ له رشوة، وأريد منه أن يتوسَّطَ لدى هذه الحكومة