ومَنْ تبعهم، ونوضِّحُ الصَّوابَ في ذلك إنْ شاء اللَّه تعالى.
واعلم أولًا: أنَّه يغلب في الكتاب والسنة إطلاقُ القلب وإرادة العقل وذلك أسلوبٌ عربيٌّ معروف؛ لأنَّ من أساليب اللُّغة العربية إطلاق المحل وإرادة الحال فيه كعكسه؛ والقائلون بالمجاز يُسمُّونَ ذلك الأسلوبَ العربي مجازًا مُرسَلًا، ومن علاقات المجاز المرسل عندهم المحلِّية والحاليَّة كإطلاق القلب وإرادة العقل؛ لأن القلبَ مَحَلُّ العقل، وكإطلاق النَّهر الذي هو الشَّق في الأرض على الماء الجاري فيه كما هو معلومٌ في محلِّه.
وهذه بعَضُ نصوصِ الوَحْيين:
قال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} الآية [الأعراف: ١٧٩]، فعابهم الله بأنَّهم لا يفقهون بقلوبهم، والفقه الذي هو الفَهم لا يكون إلّا بالعقل، فدَلَّ ذلك على أن القلبَ محلُّ العقل، ولو كان الأمر كما زعم الفلاسفة لقال: لهم أدمغة لا يفقهون بها.
وقال تعالى:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور}[الحج: ٤٦]، ولم يقل: فتكون لهم أدمغة يعقلون بها،