للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلوبكما؛ أي: مالت. يدل على أنّ الإدراك وقصد الميل المذكور محلّهُ القلب، ولو كان الدِّماغ لقال: فقد صغت أدمغتكما كما ترى.

ولما ذكر كلُّ من اليهود والمشركين أنَّ محل عقولهم هو قلوبهم قَرَّرهم الله على ذلك؛ لأنَّ كون القلب محلَّ العقل حقٌّ، وأبطل دعواهم من جهةٍ أخرى، وذلك يدل بإيِضاح على أنَّ محل العقل القلب.

أمَّا اليهود لعنهم اللَّه فقد ذكر الله عنهم ذلك في قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ}، فقال تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} الآية [النساء: ١٥٥]، فقولهم: قلوبنا غُلْف بسكون اللَّام يعنون: أنَّ عليها غلافًا، أي: غشاءً يمنعها من فهم ما تقول؛ فقرَّرهم اللهُ على أنَّ قلوبهم هي محل الفهم والإدراك؛ لأنها محلُّ العقل، ولكن كذَّبهم في ادِّعائهم أنَّ عليها غلافًا مانعًا لها من الفهم، فقال -على سبيل الإضراب الإبطالي-: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} الآية.

أمّا على قراءة ابن عباس: "قلوبنا غُلُفٌ" بضمتين؛ يعنون: أنَّ قلوبهم كأنها غلافٌ محشوُّ بالعُلوم والمعارف، فلا حاجة لنا إلى ما تدعوننا إليه، وذلك يدلُّ على علمهم بأنّه محلَّ العلم والفهم القلوب لا الأدمغة.

<<  <   >  >>