فالعقلُ خارجٌ عن الدِّماغ، ولكنَّ سلامته مشروطةٌ بسلامة الدِّماغ كالأعضاء التي تختلُّ باختلالِ الدِّماغ، فإنها خارجةٌ عنه مع أنَّ سلامتها مشروطةٌ بسلامةِ الدِّماغ كما هو معروف.
وإظهار حجة هؤلاء والردُّ عليها على الوَجْه المعروف في آداب البحث والمناظرة أنَّ حاصل دليلهم:
أنَّهم يستدلون بقياس منطقيٍّ من الشرطي المتَّصِل المركَب من شرطية متصلة لزومية واستثنائية يستثنون فيه نقيض التالي، فينتج لهم في زعمهم دعواهم المذكورة التي هي: نقيض المقدَّم، وصورتُه:
أنَّهم يقولون: لو لم يكن العقل في الدِّماغ لما تأثرَ بكلِّ مؤثر على الدِّماغ، لكنهُ يتأثَرُ بكل مؤثِّرِ على الدِّماغ، ينتجُ: العقلُ في الدِّماغ.
وهذا الاستدلال مردودٌ بالنَّقْض التَّفصيلي الذي هو المَنْع؛ وذلك بمنع كُبراه التي هي شرطيتُهُ فنقول: المانعُ مَنَعَ قولك "لو لم يكن العقل في الدماغ لما تأثَّر بكل مؤثر في الدماغ"، بل هو خارجٌ عن الدِّماغ مع أنهُ يتأثَرُ بكلِّ مؤثر على الدِّماغِ كغيره من الأعضاء التي تتأثَر بتأثرِ الدماغ، فالرَّبطُ بين التَّالي والمقدَّم غير صحيح، والمحلُّ الذي يتواردُ عليه الصدق والكذب في الشرطية إنَّما هو