للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّبط بين مقدَّمها وتاليها، فإنْ لم يكن الرَّبط صحيحًا، كانت كاذبة، والربط في قضيتهم المذكورة كاذبٌ، فظهر بطلان دعواهم.

وهناك طائفةٌ ثالثة أرادت أنْ تجمع بين القولين فقالت: إن ما دَلَّ عليه الوحيُ من كون محل العقلِ هو القلبُ صحيحٌ، وما يقوله الفلاسفةُ ومَنْ وافقهم من أنَّ محله الدِّماغ صحيحٌ أيضًا، فلا منافاة بين القولين.

قالوا: ووجهُ الجمع أن العقل في القلب كما هو في القرآن والسُّنة، ولكن نوره يتصاعد من القلب فيتَّصل بالدِّماغ، وبواسطة اتصاله بالدِّماغ يصدوا عليه أنَّه في الدِّماغ من غير منافاة لكون محلِّه هو القلب.

قالوا: وبهذا يندفع التعارضُ بين النظر العقلي الذي زعمه الفلاسفة وبين الوحي.

واستدلَّ بعضُهم لهذا الجَمع بالاستقراء غير التام، وهو المعروف في الأصول بإلحاق الفرد بالغالب، وهو حجةٌ ظنيةٌ عند جماعة من الأصوليين، وإليه أشار صاحب مراقي السُّعود في كتاب الاستدلال في الكلام على أقسام الاستقراء بقوله:

وهْوَ لدى البعْضِ إلى الظن انتسبْ ... يُسْمى لحوقَ الفردِ بالذي غَلَبْ

<<  <   >  >>