للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن لا بُدّ من الانتباه إلى أنّ هذا القولَ لا يُسقِطُ نفقةَ المرأةِ عن زوجها بالكُليّة, وإنما يُسقطه في الأيام التي تخرُجُ فيها للعمل, فأيامُ الإجازات ونحوها يَلزم الرجلَ النفقةُ على المرأة فيها; لأن النفقةَ مُقدّرة باليوم, ولكل يومٍ حكمٌ يخصّه (١).

القول الثاني: أن النفقة الزوجيّة لا تَسقطُ مُطلقًا بعمل المرأة واحترافِها, ولو بدون إذن الزّوج.

وهذا الرأي مخرّج على قولِ مَن يرى أن النشوز لا يُسقط النفقة الزوجيّة; وهو قول الحكم بن عُتيبة (ت ١١٥ هـ) (٢) , وابن القاسم (ت ١٩١ هـ) (٣) , وابن حزم (ت ٤٥٦ هـ) (٤).

كما أن هذا الرأي فهمه الشيخ محمد سلام مَدكور -وهو من فقهاء الحنفيّة المعاصرين- مِن قولِ صاحب (النهر) من الحنفيّة تعليقًا على قول الزاهدي السابق: (وفيه نظر) (٥).

ونصّ عبارة د. مدكور: "صاحب (النهر) أوجَبَ لها النفقة على خلاف الاتجاه الفقهي" (٦).

والحقيقةُ أن نسبة هذا الرأي لصاحب (النهر) فيه نَظَر; لأن ابن عابدين فهم مِن


(١) يُنظر ما تقدّم ص ١٨.
(٢) في مصنف ابن أبي شيبة ٤/ ١٧٠: أن الحكَمَ سُئل عن امرأةٍ خَرجَت من بيت زوجها عاصيةً هل لها نفقة? قال: (نعم).
(٣) الكافي لابن عبد البر ص ٢٥٥.
(٤) المحلى لابن حزم ١٠/ ٨٨.
(٥) البحر الرائق ٤/ ١٩٥, حاشية ابن عابدين ٣/ ٦٣٤. وينظر أيضًا: مجمع الأنهر ١/ ٤٩٦.
(٦) الوجيز لأحكام الأسرة, محمد سلام مدكور ص ١٩٤.

<<  <   >  >>