والقول الثاني: قاله بعضُ الشافعيّة (١): إن نفقتَها تسقط بخروجها من بيته ولو كان بإذنٍ منه; لأن علّة ثبوت النفقة (وهو التمكين التام) قد فات بخروجها, وإذا انتفت العلّة انتفى الحُكم.
ولكن يُجاب عن ذلك: بأن إذن الزوج بالخروج بمثابة الاستيفاء ثم الإسقاط, فلا يُسلّم أن العلة قد انتفت مِن كُل وجه.
ولعلّ القول الأول أقرب, فلا تسقط النفقة بإذن الزوج بعمل المرأة خارج بيتها; إذ لو سقطت مع إذنه لمَا كان هناك مَعَنى لإذنه.
ووجوبُ النفقة كاملةً لا يَعني الاختلاف في تقديرها فإن معايير تقدير النفقة الزوجيّة تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص, وملاءة المرأة وقدرتها المالية مؤثرٌ في تقدير النفقة.
* صور إذن الزوج بعمل زوجته:
إذا تبيّن اختلاف الحُكم بوجود الإذن مِن الزوج. فإن لإذنه بعمل امرأته خارج المنزل صورًا وحالاتٍ مختلفة, اختلفت أنظار الفقهاء إلى بعضها مِن حيث إدراجها ضمن الرضا المُؤثر في عدم إسقاط النفقة.
وصور إذن الزوج بعمل امرأته أربع صور هي:
١: الإذن الصَّريح.
وتصريح الزوج بالإذن بالعمل قد يكون عند إبرام عقد الزوجيّة مقارنًا له, وقد يكون مُتراخيًا بعد الزواج.
(١) نقل الجويني في (نهاية المطلب ١٥/ ٤٥٢) , والبغوي في (التهذيب ٦/ ٣٤٥) , والرافعي في (العزيز ١٠/ ٣١) أن المرأة إذا خرجت أو سافرت بإذن الزوج في شغل نفسِها ففي سقوط النفقة قولان: .. الثاني: أن النفقة تسقط; فإنها استبدلت عن تمكينه شُغلًا لها.