للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القول يفيد أنه ركن فيه. لكنهم صححوا في المذهب خلاف ذلك، وخرجوا للشافعي قولاً بكونه سنة، رجحوه على ما نقل عنه من الركنية. وكانت عمدتهم في ذلك الأحاديث الصحيحة التي جاءت بحذفه (١). ومثل ذلك ما ذكروه في التثويب في الصبح، وهو قول المؤذن: الصلاة خير من النوم، بعد قوله حي على الفلاح (٢).

٢ - ومن ذلك أنهم ذكروا في مسألة التحلل من الإحرام بعذر المرض، أنه لو شرط في إحرامه أنه إذا مرض تحلل، فللأصحاب طريقان: أحدهما ما قاله الشيخ أبو حامد (٣) وآخرون إنه لا يصح الاشتراط قولاً واحداً لصحة الحديث فيه. قال النووي: (قالوا وإنما توقف الشافعي لعدم وقوفه على صحة الحديث. وصرح الشافعي بهذا الطريق في نصه الذي حكيته الآن عنه وهو قوله لو صح حديث عروة لم أعده، فالصواب الجزم بصحة الاشتراط للأحاديث) (٤).

والطريق الثاني أنه يصح الاشتراط في قوله القديم، وأما في الجديد فله قولان أصحهما الصحة، والثاني المنع. والطريق الذي ذكرناه أولاً


(١) المجموع ٣/ ٩١ و ٩٢.
(٢) نيل الأوطار ٢/ ٣٧.
(٣) هو أبو حامد محمد بن أحمد الأسفراييني الشافعي، كان من أئمة الشافعية في الفقه والأصول في زمانه، وكانوا يقولون لو رآه الشافعي لسر به، وعدوه من المجددين الذين ينطبق عليهم قول الرسول- صلى الله عليه وسلم – إن الله يبعث لهذه الأمة، على رأس كل مائة سنة، من يجدد لها أمر دينها. وكان أبو الحسين القدوري الحنفي يجله ويقدره. امتاز بقوة الحجة وجودة النظر. وقد سئل أبو عبد الله الصيمري الحنفي عن أقوى رجل رآه في الجدل، فقال: ما رأيت أنظر من أبي حامد. توفي ببغداد سنة ٤٠٦هـ، ودفن بداره، ثم نقل إلى مقبرة باب حرب.
من مؤلفاته: شرح مختصر المزني، وتعليقة كبرى في الفقه، وكتاب في الأصول لم يصل إلينا، وكتاب البستان، وهو صغير ذكر فيه غرائب.
راجع في ترجمته: وفيات الأعيان ١/ ٥٥، طبقات الشافعية الكبرى ٣/ ٢٤، شذرات الذهب ٣/ ١٧٨، الفتح المبين ١/ ٢٢٤.
(٤) المجموع ٨/ ٣١٠.

<<  <   >  >>