للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاح (١) (ت ٦٤٣). على أننا ننبه هنا إلى أن بعض من جوز ذلك يمنع النسبة إلى الإمام صراحة، ومن هؤلاء ابن عابدين (ت ١٢٥٢هـ)، وهو من علماء الحنفية، فإنه رفض أن ينسب إلى الإمام ما يخرجه المجتهد قياساً على قوله. وإنه "لا يقال: قال أبو حنيفة كذا إلا فيما روي عنه صريحاً". ولكنه جوز أن يقال: مقتضى مذهبه كذا (٢) وقد استدل لهذا الرأي بطائفة من الأدلة، نذكر منها ما يأتي:

أ- تعليل الإمام لحكمه دليل على تبعية الحكم للعلة (٣). ولو لم يكن الأمر كذلك ما علل حكمه. وإذا كان الأمر كذلك لزم أن يكون حكم ما تحققت فيه العلة كحكم ما نص عليه. وأن يكون ذلك مذهبه. ما لم يوجد مانع من ذلك، والأصل عدمه.

ب- إن العلة لما كانت شاملة وعامة كانت كاللفظ العام، (فكما أن كلام الإمام العام يدل على مذهبه فكذلك تعليله (٤). وهذا متحقق سواء كان الإمام ممن يقول بتخصيص العلة فهو يعتقد الشمول، وإن كان يقول بذلك، فإن تخصيصها لا يكون إلا إذا دل عليه دليل كما هو الشأن في العموم (٥).

ج- إن إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص على علته واقع في كلام الشرع، فكذلك حكمه في كلام المجتهدين، بل وأولى (٦). كتعليل النبي- صلى الله عليه وسلم- طهارة سؤر الهرة بقوله: (إنها من الطوافين) (٧) فإنه


(١) أدب المفتي والمستفتي ص ٩٦.
(٢) شرح عقود رسم المفتي ١/ ٢٥ من مجموعة رسائل ابن عابدين.
(٣) روضة الناظر ص ٣٨٠، وشرح مختصر الروضة ٣/ ٦٣٨.
(٤) المعتمد ٢/ ٨٦٦، التمهيد ٤/ ٣٦٦و ٣٦٧.
(٥) المصدران السابقان.
(٦) شرح مختصر الروضة ٣/ ٦٣٨و ٦٣٩.
(٧) هذا النص جزء من حديث رواه الخمسة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت =

<<  <   >  >>