للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن أبا البركات خرج في تعليقه على الهداية قولاً باللزوم، قياساً على ما نص عليه أحمد- رحمه الله- فيمن نذر صوماً أو صلاة، ونوى في نفسه أكثر مما يتناوله اللفظ، أنه يلزمه ما نواه، لأن هذه مثل تلك (١).

٣ - ومن ذلك أنهم نقلوا عن الإمام أحمد بشأن الشهادة على الشهادة روايتين، إحداهما نص عليها، وهي المصححة عندهم، أنه لا تثبت شهادة شاهدي الأصل إلا بشاهدين، فتثبت سواء شهدا على كل واحد منهما، أو شهدا على كل شاهد شاهد. وأخراهما أنه لا تثبت الشهادة إلا بأربعة شهود، يشهد على كل أصل فرعان. وذلك قياساً على عدم إثبات إقرار مقرين بشهادة اثنين، كل منهما على شاهد واحد (٢). وخرجوا على هذه الرواية أنه يكفي شهادة فرعين بشرط أن يشهدا على كل واحد من الأصلين، لأن بهذا يتحقق المراد من شهادة فرعين على كل أصل (٣).

٤ - ومن ذلك ما ورد في كتب الشافعية بشأن حكم من يممه غيره، وكان قادراً على التيمم بنفسه، أنه يجوز ذلك كما يجوز في الوضوء. وهو مما نص عليه الشافعي في الأم، كما نص أيضاً على أنه إذا ألقت الريح عليه تراباً استوعب وجهه ويديه، وأمر يديه على وجهه، فإنه لا يجزيه ذلك. فخرج ابن القاص قولاً بعدم الجواز في الحالة الأولى، قياساً على الحالة الثانية.


(١) قواعد ابن رجب ص ٢٨١.
(٢) المحرر ٢/ ٣٤٠ و ٣٤١، والنكت والفوائد السنية لابن مفلح في الموضع المذكور، والمغني ٩/ ٢١٢ و ٢١٣ والقول بمقتضى هذه الرواية مما قطع به ابن هبيرة عن الإمام أحمد. وهو ظاهر ما نقل عن ابن بطة. كما أنه قول أبي حنيفة ومالك والشافعي في القول الآخر.
(٣) هو أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري ثم البغدادي: المعروف بابن القاص، بسبب أن والده كان يقص الأخبار والآثار، أو أنه نفسه كان يقوم بذلك.
كان من أئمة فقهاء الشافعية في زمانه، توفي في طرسوس سنة ٣٣٥ وقيل سنة ٣٣٦هـ.
من مؤلفاته: المفتاح في الفقه الشافعي، وأدب القاضي، والتلخيص في فروع الفقه= الشافعي

<<  <   >  >>