للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوبة إلا بعد الوقت، فقد حكي أن الشافعي نص على أنه يصبر إلى أن يتوضأ، ولا يبالي بخروج الوقت. ونقل عنه أنه نص فيما لو حضر جماعة من العراة وليس ثم إلا ثوب واحد يصلون فيه بالتناوب، وعلم أن النوبة لا تنتهي إليه إلا بعد خروج الوقت، إنه يصبر ولا يصلي عارياً كالمسألة السابقة، ولكنه نص أيضاً على أنهم لو اجتمعوا في سفينة، أو بيت ضيق، وهناك موضع واحد يمكن فيه الصلاة قائماً، أنه يصلي في الوقت قاعداً، ولا يصبر إلى انتهاء النوبة إليه، بعد الوقت. وهذا مخالف لنصه في المسألتين السابقتين، فاختلف الشافعية في ذلك على طريقين:

أحدهما عدم التفريق بين هذه المسائل، والذهاب إلى أن له في كل منها قولين بالنقل والتخريج، بقياس كل منها على الأخرى. فيصلي في الوقت بالتيمم وعارياً وقاعداً، مراعاة لحرمة الوقت. والثاني هو إقرار النصوص على حالها، والقول بالتفريق، على أساس أن أمر القعود أسهل من أمر الوضوء وستر العورة. ولهذا فإنه يجوز ترك القيام في النفل، بخلاف التيمم وكشف العورة. ولبعض علمائهم نزاع في هذا التفريق (١). والشاهد في هذا هو الطريق الأول الذي لم يفرق بين المسائل، وجعل للإمام قولين بالنقل والتخريج في كل منها.

٦ - ومن ذلك أنه ورد النص عن الإمام الشافعي- رحمه الله- بعدم جواز قعود المصلي في صلاة الجنازة، مع القدرة على القيام. وقطع الجمهور من الشافعية بركنية القيام فيها (٢). وذهب بعض الشافعية من الخرسانيين، إلى تخريج قول بالجواز، كما هو الشأن في النوافل، لأن الصلاة ليست من فرائض الأعيان. خرجوه من إباحة جنائز بتيمم واحد. ولا يصلى بتيمم واحد فرضان.

ولهم وجه آخر، هو، إن تعينت الصلاة لم يصح إلا قائماً كما هو الشأن


(١) فتح العزيز ٢/ ٢١٨ - ٢٢١.
(٢) الوجيز ١/ ٢٢، والمجموع ٥/ ٢٢٢.

<<  <   >  >>