وعلى هذا الأصل يمكننا تخريج كثير من المسائل، فلو باعه دنا على أنه خل فإذا هو دبس أو باعه فصاً على أنه ياقوت فإذا هو زجاج، أو جهازاً على أنه آلة تصوير فإذا هو راديو، أو باعه هذه المكنسة الكهربائية فإذا هي جهاز لتقطيع الخضر وعصر الفواكه، بطل البيع، لاختلاف الجنس باختلاف الأغراض، ولو باعه فصاً على أنه ياقوت أحمر فإذا هو ياقوت أصفر، أو هذا الثوب المصري فإذا هو مغربي، لم يبطل البيع وخير المشتري لفوات الوصف.
الثاني: قاعدة أو ضابط تفريق الصفقة (١)، وقد ذكرنا أن طائفة من علماء الحنابلة كالطوفي وغيره، ذكروا أنه ينبني عليها فروع كثيرة، ولهذا فإننا سنبين ما يريدونه من تفريق الصفقة. وما الذي ينبني ويخرج عليها من الفروع. بإيجاز غرضه الكشف عن المعنى لا تحقيق المسألة والدخول في تفاصيلها ومناقشاتها.
إن المقصود من تفريق الصفقة عندهم هو أن يجمع بين ما يجوز بيعه وما لا يجوز في صفقة واحدة بثمن واحد. وقد ذكروا أن لها ثلاث صور:
١ - أن يبيع معلوماً ومجهولاً، كقوله بعتك هذه الفرس وما في بطن هذه الفرس الأخرى بألف فهذا البيع باطل لأن المجهول لا يصح بيعه لجهالته، والمعلوم مجهول الثمن ولا سبيل إلى معرفته، لأن معرفته إنما تكون بتقسيط الثمن عليهما، والحمل لا يمكن تقويمه فيتعذر التقسيط.
٢ - أن يبيع جزءا مشاعاً بينه وبين غيره من دون إذن شريكه، كعبد مشترك بينهما، أو أن يبيع ما ينقسم عليه الثمن أجزاء كقفيزين من صبرة واحدة باعهما من لا يملك إلا بعضهما، وهذه الصورة لها في مذهب أحمد وجهان:
أحدهما: يصح في ملكه بقسطه من الثمن، ويفسد فيما لا يملكه.
(١) انظر بعض الأحكام المتعلقة بذلك في المنثور في القواعد للزركشي ١/ ٣٨٢ وما بعدها. وانظر ص ٢٦٣ و٢٦٤ من إيضاح المسالك للونشريسي المالكي، فقد ذكر أن بعض مشايخ المذهب حصل تسعة أقوال في الصفقة إذا جمعت حلالاً وحراماً.