للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ أيضًا قال البيضاوي وقوله: (يغفر الله له) إشارة إلى أن ضعفه- المراد به الرفق- غير قادح فيه أو المراد بالضعف ما وقع في أيامه من أمر الردة واختلاف الكلمة إلى أن اجتمع ذلك في آخر أيامه وتكمل في زمان عمر، وإليه الإشارة بالقوة، وقد وقع عند أحمد من حديث سمرة أن رجلًا قال: (يا رسول الله رأيت كأن دلوًا من السماء دُليت، فجاء أبو بكر فشرب شربًا ضعيفًا، ثم جاء عمر فشرب حتى تضلع) الحديث (١).

ففي هذا إشارة إلى بيان المراد بالنزع الضعيف والنزع القوي.

وقال الحافظ في كتاب «التعبير من الصحيح» (١٢/ ٤١٣).

قال القاضي عياض: ظاهر هذا الحديث أن المراد خلافة عمر، وقيل هو لخلافتهما معًا لأن أبا بكر جمع شمل المسلمين أولًا بدفع أهل الردة وابتدأت الفتوح في زمانه، ثم عهد إلى عمر فكثرت في خلافته الفتوح واتسع أمر الإسلام واستقرت قواعده، وقال غيره: (معنى عظم الدلو في يد عمر كون الفتوح كثرت في زمانه ومعنى استحالت) انقلبت عن الصغر إلى الكبر.

وقال النووي: قالوا هذا المنام مثال لما جرى للخليفتين من ظهور آثارهما الصالحة وانتفاع الناس بهما، وكل ذلك مأخوذ من النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه صاحب الأمر فقام به أكمل قيام وقرر قواعد الدين ثم خلفه أبو بكر فقاتل أهل الردة وقطع دابرهم ثم خلفه عمر فاتسع الإسلام في زمنه، فشبه أمر المسلمين بقليب الماء الذي فيه حياتهم وصلاحهم وشبه بالمستقي لهم منها وسقيه هو قيامه بمصالحهم


(١) رواه أحمد في «مسنده» (٥/ ٢١): حدثنا عبد الصمد وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا الأشعث بن عبد الرحمن الجرمي عن أبيه عن سمرة به مطولًا، ورواه أبو داود: حدثنا محمد بن المثنى أخبرنا عفان به وعبد الرحمن والد الأشعث مقبول وباقي رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>