للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحث في تكفير الأعمال الصالحة هل هو خاص بالصغائر أم لا؟

وهل إجتناب الكبائر شرط أم لا؟

الحمد لله:

قال النووي - رحمه الله - في «شرح مسلم» على حديث عثمان سدد خطاكم: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله»، قال: معناه أن الذنوب كلها تغفر، إلا الكبائر فإنها لا تغفر، وليس المراد أن الذنوب ما لم تكن كبيرة فإن كانت لا يغفر شيء من الصغائر فإن هذا وإن كان محتملًا فسياق الأحاديث يأباه، قال القاضي عياض: هذا المذكور في الحديث من غفران الذنوب ما لم تؤت كبيرة هو مذهب أهل السنة، وإن الكبائر إنما تكفرها التوبة (١) أو رحمة الله تعالى وفضله والله أعلم.

وقال ابن رجب (٢) في «شرح الأربعين»: وقد اختلف الناس في مسألتين:

أحدهما: هل تكفر الأعمال الصالحة الكبائر والصغائر أم لا تكفر سوى الصغائر؟ فمنهم من قال: لا تكفر سوى الصغائر، وقد روى هذا عن عطاء وغيره من السلف في الوضوء أنه يكفر الصغائر، وقال سلمان الفارسي سدد خطاكم في الوضوء: إنه يكفر الجراحات الصّغار، والمشي إلى المساجد يكفر أكبر من ذلك، والصلاة تكفر أكبر من ذلك. خرجه محمد نصر المروزي (٣).

وأما الكبائر فلابد لها من توبة؛ لأن الله أمر العباد بالتوبة، وجعل من لم يتب


(١) انظر: «أسئلة وأجوبة» لابن حجر، ص [٤٠]، عناية مرزوق إبراهيم.
(٢) عند حديث: «اتق الله حيثما كنت».
(٣) إسناده صحيح، برقم [٩٩]، (١٥٧/ ١) من تعظيم الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>