إلى الحجرة والتمسح بها وإلصاق البطن بها والطواف وغير ذلك مما يفعله جُهال القادمين، فإن هذا بإجماع المسلمين ينهى عنه الغرباء كما ينهى عنه أهل المدينة ينهون عنه صادرين وواردين باتفاق المسلمين وبالجملة فجنس الصلاة عليه والثناء عليه - صلى الله عليه وسلم - ونحو ذلك مما استحبه بعض العلماء عند القبر للواردين والصادرين هو مشروع في مسجده وسائر المساجد، وأما إذا ما كان سؤالًا له فهذا لم يستحبه أحد من السلف لا الأئمة ولا غيرهم.
وقال الشيخ أيضًا: وسائر الصحابة الذين كانوا ببيت المقدس وغيرهم من الشام مثل معاذ بن جبل وأبي عبيدة بن الجراح وعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وغيرهم، لم يعرف عن أحد منهم أنه سافر لقبر من القبور التي بالشام لا قبر الخليل ولا غيره، كما لم يكونوا يسافرون إلى المدينة لأجل القبر، وكذلك الصحابة الذين كانوا بالحجاز والعراق وسائر البلاد كما قد بسطنا هذا في غير هذا الموضع.
وقال - رحمه الله -: ولهذا كان الصحابة بالمدينة على عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إذا دخلوا المسجد لصلاة أو اعتكاف أو تعليم أو تعلم أو ذكر الله ودعاء له ونحو ذلك مما شرع في المساجد لم يكونوا يذهبون إلى ناحية القبر فيزورونه هناك ولا يقفون خارج الحجرة كما لم يكونوا يدخلون الحجرة أيضًا لزيارة قبره، فلم يكن الصحابة بالمدينة يزورون قبره لا من المسجد خارج الحجرة ولا داخل الحجرة، ولا كانوا أيضًا يأتون من بيوتهم لمجرد زيارة قبره، بل هذا من البدع التي أنكرها الأئمة والعلماء، وإن كان الزائر منهم ليس مقصوده إلا السلام والصلاة عليه وبينوا أن السلف لم يفعلوها كما ذكره مالك في «المبسوط»، وقد ذكره أصحابه كأبي الوليد الباجي والقاضي وغيرهما.