سلطانه، وإعانة للإنسان على نفسه، وهذا مخالف للشرع والعقل؛ بل تجنب الدخول إلى أرضه من باب الحمية التي أرشد الله سبحانه إليها وهي حمية عن الأمكنة والأهوية المؤذية، وأما نهيه عن الخروج من بلده ففيه معنيان:
أحدهما: حمل النفوس على الثقة بالله والتوكل عليه، والصبر على أقضيته والرضى به.
الثاني: ما قاله الأئمة من الأطباء أنه يجب على كل محترز من الوباء أن يخرج عن بدنه الرطوبات الفضيلة، ويقلل الغذاء، ويميل إلى التدبير المجفف من كل وجه إلا الرياضة والحمام .. إلى أن قال: ويجب عند وقوع الطاعون السكون والدعة وتسكين هيجان الأخلاط، ولا يمكن الخروج من أرض الوباء والسفر إلا بحركة شديدة وهي مضرة جدًا ... إلى أن قال: وفي المنع من الدخول إلى الأرض التي قد وقع بها عدة حكم:
أحدها: تجنب الأسباب المؤذية، والبعد عنها.
الثاني: الأخذ بالعافية التي هي مادة المعاش والمعاد.
الثالث: ألا يستنشقوا الهواء الذي قد فسد وعفن فيمرضوا.
الرابع: ألا يجاوروا المرضى الذين قد مرضوا بذلك فيحصل لهم بمجاورتهم من جنس أمراضهم.
الخامسة: حمية النفوس عن الطيرة والعدوى .. وبالجملة ففي النهي عن الدخول في أرضه الأمر بالحذر والحمية والنهي عن التعرض لأسباب التلف، وفي النهي عن الفرار منه الأمر بالتوكل، والتسليم والتفويض: فالأول تأديب وتعليم، والثاني تفويض وتسليم. (١) اهـ.