يخاف منه في الآخرة، زاهدًا فيما لا ينفعه في آخرته، عفيف اللسان والجوارح عما حرم الله قد سلم المسلمون من لسانه ويده غير مشتغل بما لا يعنيه فضلًا عما يرديه، مقبلًا على شأنه وما ينفعه قوى الهمة في الطلب، حريصًا على مجالسة أهل العلم والإيمان والنهل من علومهم، ومباحثهم. أمارًا بالمعروف نهاءً عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن .. إلى غير ذلك من الصفات الحميدة والخصال الطيبة وإن سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وسيرة أصحابه لهي خير مثال يحتذى به وخير طريق يقتفى للتأسي بهم والسير على طريقهم، وكذا سلك التابعون وأئمة الهدى في القرون المفضلة فاستحقوا الخيرية على الناس كلهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» أخرجه البخاري.
وإليك بعض الأمثلة عن أهل الحديث التي تدل على انتفاعهم بعلمهم ونصحهم وإخلاصهم فمن الرجوع إلى الحق ما ذكره حمزة بن محمد الطاهر قال:(كان ابن الأنباري زاهدًا متواضعًا) حكى الدارقطني أنه حضره، فصحف في اسم قال: فأعظمت أن يحمل عنه وهم، وهبته، فعرَّفت مستمليه، فلما حضرت الجمعة الأخرى قال ابن الأنباري لمستمليه:(عرِّف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني)، ونبهنا عليه ذلك الشاب على الصواب!! السير (١٥/ ٢٧٧).
ومن الورع عن أعراض الناس ما ذكره البخاري في «التاريخ الكبير»(٤/ ٣٣٦) قال سمعت أبا عاصم يقول: (منذ عقلت أن الغيبة حرام، ما اغتبت أحدًا قط).
ومن همة القوم في الطلب ما ذكره أبو حاتم عن نفسه أنه سأل القعنبي