في كتابنا "الموارد"، الأمر الذي أحوجني إلى نقدها، وتمييز ما صح منها بالمتابعات والشواهد، وما لم يصح بسبب العنعنة والتفرد.
وإن فيما أشرنا إليه من أحاديث هؤلاء المدلسين - ولو مما صح منه -: ما يكفي لبيان أن ابن حبان - رحمه اللَّه - قد أخل أيضًا بالشرط الخامس الذي وضعه لرواة حديث "صحيحه" بقوله المتقدم: "المتعري خبره عن التدليس"! كما أخل بشروطه الأخرى على ما سبق بيانه، بما لا تراه في كتاب آخر - إن شاء اللَّه تعالى -.
وبذلك يزداد القراء علمًا بتساهله الذي رماه به أجلة الحفاظ والعارفين به، واستنكف عن الاعتراف به بعض من يدعي العلم، ويتهم الحفاظ بالجهل، ويتبينون أن تساهله لم يقف عند توثيق المجهولين في "ثقاته"، كما هو معلوم عند جمهور طلاب العلم؛ بل إنه تعداه إلى إخلاله بتحقيق شروطه الخمسة التي اشترطها لرواة "صحيحه"، خلافًا لمن صرح من المتأخرين أنه وفى بها؛ كالشيخ أحمد شاكر - رحمه اللَّه - ومن قلده -؛ كالشيخ شعيب، والاخ الداراني؛ غفلوا عن هذه الحقيقة، وترتب من وراء ذلك - من الأوهام والتصحيح للأحاديث الضعيفة، والروايات المنكرة - ما يتعذر الإحاطة بها، وقد يسر اللَّه لي أثناء طبعي لِـ "صحيح الموارد"، و"ضعيف الموارد" التنبيه على الكثير منها كما سيرى القراء الكرام - إن شاء اللَّه تعالى -، وقد ذكرت آنفًا نماذج منها، أداءً للأمانة، ونصحًا للأمة، وتذكيرًا لأمثالي من طلاب العلم.
فهذا الحق ليس به خفاءُ ... فدعني عن بُنيَّات الطريق
ذلك؛ وما دمنا لا نزال في تقويم "صحيح ابن حبان"؛ فإن هناك أنواعًا أخرى وقعت فيه منافية للصحة، وفيها بعض الموضوعات، ولذلك كان من تمام هذا الفصل الكلام عنها - ولو موجزًا -، فأقول: