ما من شكٍّ أن الموقفَ المتذبذبَ من العملِ الجماعي قد أخَّرَ ظهور المؤسسات في رحاب العمل السلفي المعاصر، وإن وُجدت فقد وُجدت متأخرةً نسبيًّا عن المشاركين في الساحة الدعوية، كما أن الإحجام عن الممارسة السياسية -والحزبية خاصَّة- قد وَهَّنَ من فرص كثيرة كان استثمارُها من خلال هذا الوجود السياسي، علاوةً على الجوانب التربوية التي تُغَذِّي جانبَ العزلةِ عن التأثيرِ الإصلاحيِّ بنسبةٍ من النسب، مع ما لوحظ من تشدُّدِ البعضِ في خياراتٍ فقهيةٍ، أو اختياراتٍ علميةٍ أفضى إلى وقوعِ صداماتٍ وعداواتٍ قلَّلَتْ من التأثيرِ العامِّ، فإذا أضيف إلى ذلك كله التضييقُ الأمنيُ، والذي تمثَّل مؤخرًا في وقف الفضائياتِ الإِسلاميةِ بمصر، وتأميمِ المساجد لصالح المؤسسة الدينية الرسمية، وإيقافِ تراخيصِ إنشاءِ الجمعياتِ الخيريةِ والاجتماعيةِ للسلفيين بشكل أخص، فإن ذلك كلَّه كان سببًا مؤثِّرًا في افتقادِ أو ضعفِ عملِ المؤسساتِ السلفيةِ في الأمةِ، سواء في ذلك المؤسسات العلمية، أو الإعلامية، أو التربوية، أو الاجتماعية.
وكما ضَعُفَتِ المؤسساتُ المحلية داخل التيار السلفي في القطْر؛ فقد غابتِ المؤسسات والكيانات السلفية العالمية علميًّا، وإعلاميًّا، ودعويًّا، هذا في مقابل كيانات ومؤسسات واتحادات دولية وُجدت للرافضة، وغلاة أهل البدع.