مرَّ الموقف السلفي المعاصر بتطورات وتذبذبات في الموقف من العمل الجماعيِّ، بدأ بتبديعِ وتحريمِ تكوينِ الجماعاتِ، وانتهى بالقول بما هو أكثر من مشروعيتها، وذلك عبر مسيرةٍ بلغت ثلاثين سنة، انتهى بعدها التيارُ السلفيُّ إلى مشروعية الاجتماع والتعاقد على أعمال الخير، والتزام الطاعة في غير معصية، وأن هذا العمل مما تدعمه الأصولُ الشرعية، والأدلة النقلية والعقلية، على أن يتنزَّهَ أصحابُ هذه الأعمال عن التعصب الحزبي، وعَقْدِ الولاءِ على أساس الانتماء الدعوي، وانتهى النظر أيضاً إلى اعتبار هذه التجمُّعات بمثابةِ اللَّبناتِ في بنيان جماعة المسلمين العملية، وقَبِلَ التيارُ التعدديةَ القائمة على التخصص والتكامل، مع الاتفاق على الأصول الاعتقادية، والتغافرِ في المسائل الاجتهادية.
وبعد الثورات العربية، وانفتاحِ بابِ المشاركة السياسة لم يعد يُسمع صوتُ من كان لا يرى مشروعيةَ الأعمال الجماعية، أو يراها تفريقًا للأمة، وكان من حجة بعض أولئك الذين كانوا رافضين لإنشاء الجماعات في مرحلة الثلاثين عامًا الماضية: أنه لا يصلح أن نُخْلِيَ الساحةَ للعلمانيين؛ ليكونوا أحزابًا سياسية!! وبنفس المنطق كان ينبغي أن تُعَامَلَ قضيةَ تكوينِ الجماعات