يتُهم بعض السلفيين بالحرفية الظاهرية تارةً، وبالانحراف عن النظرة المقاصدية تارةً أخرى، ولا شكَّ أن الأصل هو الجمع بين النصوص الجزئيَّةِ، والمقاصد الكلية عند استنباطِ حكمٍ، أو تحريرِ معنًى شرعيٍّ، فلا بد من إدراكٍ لمقصد النصِّ، مع فهمٍ له في سياقه وسباقة ولحاقه.
والأصل في الشرعيات التوقيفُ والاتباع، وفي الدنيويات الاجتهادُ والإبداع! فالأصل في العبادات النصُّ دون العلةِ والمعنَى، والأصل في العادات العلَّةُ والمقصِدُ، ومن لم يُحَكِّمِ الأصولَ والكليات يَضطرب، ولا يُحْسِنُ علاج الجزئيات، والنصوص محدودة ومعدودة، والوقائع متجددة وممدودة، وما أحسنَ كلمةَ ابن تيمية رحمهم الله:"لابد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يَرُدُّ إليها الجزئيات، ليتكلم بعلمٍ وعدلٍ، ثم يعرف الجزئياتِ كيف وقعتْ، وإلا فيبقى في كذبٍ وجهلٍ في الجزئيات، وجهلٍ وظلمٍ في الكليات فيتولَّدُ فسادٌ عظيم"(١).
وما أحسنَ قولَ ابن القيم رحمه الله: "الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَمِ ومصالحِ العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها،