العناية بالقضايا والمسائل العلمية شعار يميز الدعوات السلفية المعاصرة، ولا شك أن العلم نبراس الدعوة، فالدعوة بلا علمٍ سعيٌ بلا هُدَى، وإذا أراد الله بدعوة خيرًا فقَّهَ رجالاتها في الدين، ولا شك أن هذه العناية العلمية تُذْكَرُ فَتُشْكَرُ، إلا أنه لا بد من تنبيهٍ وتذكيرٍ بأن العلمَ شجرةٌ، والعملَ ثمرةٌ، فإذا لم تثمرْ تلك الشجرةُ فلا خيرَ فيها, ولقد رُصِدَ في دائرةِ الخطابِ السلفيِ انشغالٌ أحيانًا بترفٍ فكريٍّ، وجدلٍ عقليٍّ، وخلافاتٍ لا ثمرةَ لها، وتشقيقٍ لمسائل لا مصلحة منها؛ إذ كل مسألة لا ينبني عليها عمل قلبي أو بدني، فالخوض فيها خوض فيما لا يستحسن شرعًا! وقد قال الشاطبي رحمه الله:"إن عامة المشتغلين بالعلوم التي لا تتعلق بها ثمرةٌ تكليفيةٌ تدخل عليهم فيها الفتنةُ والخروجُ عن الصراط المستقيم، ويثور بينهم الخلافُ والنزاعُ المؤدِّي إلى التقاطع والتدابر والتعصُّب، حتى تفرَّقوا شيعًا، وإذا فعلوا ذلك خرجوا عن السنةِ، ولم يكن أصل التفرقِ إلا بهذا"(١).
ومما تنبغي ملاحظته: أن في العلوم جوانبَ قد يطالُها الإهمالُ،