بنهاية عقد التسعينيات، وبداية ألفية جديدة تعالت صيحات عديدة تنادي بضرورة إنجاز مراجعات شاملة، لا تنقصها الصراحة، ولا تخلو من الصرامة، وذلك بسبب ما لوحظ من انهيارات، وما جرى من انكسارات، بعد حرب الخليج الأولى والثانية، وما تبع ذلك من ضغوطات هائلة؛ أن إلى تفكك أعمال إسلامية سلفية، وغير سلفية كثيرة، وتنحي جماعات وطوائف عن منهجها ومسلكها، وانطفاء جذوة أعمالٍ عاشت الدعوة الإِسلامية في السبعينيات مرحلةَ توهُّجِها وسطوعِهَا، ثم أدرك الكثيرون حالة ذبولها وتراجعها.
ورُصِدَ من أسباب هذه الظاهرة ما هو اجتماعي، سواء أكان إيجابيًّا، أم سلبيًّا؛ لتغير الحال، وحصول النضج في مرحلة الكهولة بعد الشباب، وتغير ذات اليد من فقرٍ إلى غنًى، ومن قلَّة إلى كثرة، ومن ندرة إلى وفرة في الشباب، والدعوة، والحركة، ومن انقطاع إلى الدعوة والعلم والعمل إلى اشتغال بمفضول عن فاضل، فضلًا عن الاشتغال بالأدنى عن الأعلى.
ومن الأسباب: ما هو منهجي، وذلك عندما تتغير الثوابت، وتَبْلَى القواعد، وتنطمس البصائر، فتزيف الحقائق، وُيسَوَّغ التراجع باسم الدين تارةً، وباسم المصلحة تارةً أخرى، وبأسماء عديدة تاراتٍ.