إن الضعف السياسي للسلفيين يعود إلى أسبابٍ داخلية، وأخرى خارجيةٍ محلِّيةٍ ودولية، ولا تكاد توجدُ تجاربُ سياسيةٌ كبرى، ذاتُ توجُّه سلفيٍّ يشارُ إليها بالبنان، ولا شكَّ أن غياب المظلَّةِ السياسيةِ السلفيةِ جعلت التيارَ عرضةً لتغولاتِ السلطةِ من جهة، وتعمدِ التهميشِ الإعلاميِ والاجتماعيِ من جهةٍ أخرى، وإخضاعِ التيارِ للابتزازِ الأمنيِّ المستمرِّ من جهةٍ ثالثةٍ.
وما من شكٍّ أن الانطباعاتِ السلبيةَ التي خرجت بها التياراتُ السلفيةُ عن تجاربِ الحركاتِ الإِسلامية، وما تمخض عنها من مهالِكَ واضطراباتٍ سياسيةٍ وملاحقات أمنيةٍ -كما وقع في مصر وسوريا- كانت تُلْقِي بظلالٍ من القلقِ والتخوفِ والتردُّدِ.
علاوةً على أن الأصل الذي بدأ منه الفكر السلفي هو حرمةُ دخول هذه البرلمانات التي تشرِّعُ من دون الله مطلقًا (١)، ثم تحوَّل هذا الموقف تدريجيًّا -عند البعض- حتى أصبح الجوازُ مُناطًا بالمصالح وكثرتها، والمفاسد وندرتها, ولعل مما عوَّق الحضورَ السياسيَّ السلفي ما أثاره بعض المحسوبين على هذا التيار من أنَّ مطلق المشاركةِ السياسيةِ لدفع شرٍّ أو تحصيل خيرٍ يمثِّل خروجًا على ولي الأمر الذي يحكم بالعلمانية!!
(١) وقد وجدت مواقف سلفية مبكرة تلحق هذا العمل السياسي بأعمال الكفر الأكبر بإطلاق!! وفي هذا كُتِبَتْ رسائلُ، ودُبِّجَتْ مقالاتٌ!!