ورحمة كلها، ومصالحُ كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدِّها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإنْ أُدخلتْ فيها بالتأويل" (١).
فلا يصلح بحال عند استنباط الأحكام أن تنفصل عن غاياتها، وأن تنفكَّ عن مقاصدها، أو منافعها، أو مصالحها، وكلُّ أَمْرٍ تقاعدَ عن تحصيل مقصوده فهو رَدٌّ، وتكاليف الشريعة راجعة إلى تحقيق مقاصدها في الخلق ولا بُدَّ.
وإنما يضيع الدين بين جامدٍ وجاحدٍ؛ ذاك يُنَفِّرُ الناسَ بجموده، والآخَرُ يُضِلُّهم بجحوده!
ومرةً أخرى لا بُدَّ من تفريقٍ بين الأصلي والفرعي، والقطعي والظني، والمحكم والمتشابه، في محاولة جادة لمنع غلوٍّ في متشابهٍ ظنيٍّ، أو تفريط في محكم قطعيٍّ، أو ممارسة للاجتهاد من غير أهله أو في غير محلِّهِ!