مما دعا علماءَ الأمة الأثبات وأساطينها الأعلام لتجريد أنفسهم لتلخيص وترتيب الأصول العظمى، والقواعد الكبرى للاتجاه السلفي، والمعتقد القرآني النبوي، ومن ثم نسبته إلى السلف الصالح، لقطع الباب على كل من ابتدع بدعة اعتقادية، وأراد نسبتها إليهم، حتى كانت النسبة إلى السلف رمزًا للافتخار، وعلامةً على العدالة في الاعتقاد، مما يدل على أن النسبة إلى السلف لم تكن بدعةً لفظيَّةً، ولا مجرَّدَ اصطلاحٍ كلاميٍّ، لكنه حقيقة شرعية ذاتُ مدلول محدد، ولذلك لم تؤصَّلْ قواعده، ولم تحرَّرْ موارده، إلا بقيام الحاجة في الأمة لبيانٍ متكاملٍ الصورةِ عما كان عليه أهل القرون المفضلة، المشهود لهم بالعدالة من طريقة عقدية، وسيرة توحيدية" (١).
فالانتساب إلى أهل السنة والجماعة والسلف الصالح، يعني: الانتساب إلى الإِسلام الصافي عن شوائب البدع، ومخالفات الفِرَقِ.
وإنَّ كل من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولًا، مقبلًا على الالتزام بالإِسلام جملة، وعلى تحكيم شريعته استسلامًا وانقيادًا، وبرئ من تبني مذهب بدعي، أو
(١) نظريات شيخ الإِسلام في السياسة والاجتماع، للمستشرق الفرنسي هنري لاوست، (ص ٣٢).