ولا شك أن انفصال الجانب العلمي عن العملي مكمنٌ من مكامن الداء، وسبب من أسباب الخلل في الواقع المعاصر.
ولقد كان أسلافنا الصالحون يدرِّبون ناشئتهم بين أيديهم في ساحة التلقي الأولى (المساجد) ففيها تُتَلقَّى العلومُ النظرية، وتُرى وتُسمع وتُمارس التطبيقات العملية، فكان علمُ الدعوة تأصيلًا وتنظيرًا يُتلقَّى مع عملها ممارسةً وتطبيقًا بمشافهةِ الشيوخِ، ومخالطة العلماء، وبالممارسة بحضرة الكبار، وبالتقويم الحاضر، والتوجيه الناجز.
ومع تقدمٍ في الزمان وتبدلٍ في الأحوال انفصل التعليم عن التدريب، وافتقر التنفيذ إلى التأهيل.
والداعيةُ المؤهَّل هو: الذي تلقَّى تدريبًا يُمكِّنه من مواجهة الناس في المسجد إمامًا معلمًا، وفي الدرس مُرَبِّيًا مرشدًا، وفي مراكز الدعوة والتأثير إداريًّا ناجحًا، وقائدًا ميدانيًّا موفَّقًا.
وبسببٍ من ضعف العناية بالتدريب يتحمل خمسةُ بالمائة من الدعاة عبَء الدعوةِ ويبقى أغلبهم في مقاعدِ المتفرِّجين أو المعطَّلين، ولأجل هذا القصور تنكفيء الدعوات على نفسها أكثر من انفتاحها على غيرها، بحيث يصير الخطاب داخليًّا في معظمه.
إن الدعواتِ السلفيةَ الناجحةَ هي التي تحمل أبناءها على التأهُّلِ