سلفيًّا من ذلك إنما هو الآلية، والأمور الإجرائية، كما أن الممارسة السياسية تقوم على التعددية، وربما المخالفة في الرؤى السياسية، كما تكثر التحالفات والتوافقات السياسية بين الفرقاء أحيانًا، والمختلفين منهجيًّا أحيانًا أخرى.
وهذا أمرٌ يجعل الممارسةَ السياسية المعاصرة طريقًا محفوفًا بمخاطرَ كثيرةٍ، وفي هذا الصدد يتعين على التيار السلفيِّ المعاصرِ أن يبني خبرة سياسية تَستند إلى فقه التعارض بين المصالح والمفاسد والترجيح المنضبط، ومحاولة تقديم خطابٍ سياسيٍّ يعبر عن آمال الشعوب الإسلامية، ويُرَقِّيها في مدارج الكرامة الإنسانية، ويُنهِضُها في مواجهة التحديات الحضارية المختلفة.
وهنا تبدو ضرورة التنبه للعوامل الخارجية، وتأثيراتها على الساحة الداخلية، وأهمية التحول من الرؤى البسيطة إلى رؤًى مركَّبَةٍ عميقة، عبرَ ما تنتجه مراكزُ البحوث والدراسات الاستراتيجية، ولا شكَّ أن سياسة الدول تختلف عن سياسة الجماعات، وأن هناك مسافة بين فقه الدعوة وفقه الأحزاب، كل هذا مع التأكيد على أن بناء الأحزاب السياسية ليس غايةً في ذاته، وأن معاقِدَ الولاء والبراء إنما تكون على المبادئ الشرعية، لا على الرايات الحزبية الدعوية، فضلًا عن الحزبية السياسية!
وكما تمتلك التوجهات السياسية السلفية من عوامل النجاح ما يغري بالمواصلة والمتابعة؛ فإنه لا بد من لفت النظر إلى عواملِ إخفاقٍ ظاهرةٍ وواضحةٍ؛ منها -على سبيل المثال-: ضعفُ