وبقيام الثورات العربية على قاعدةٍ من رفض الظلم والكبت والقهر والفساد والاستبداد، ووقوع شيءٍ من الحرية في إِثْرِهَا، وفي ظل انفتاح العمل الإسلاميِّ، وانعتاقه من أَسْر الملاحقة الأمنية، والتضييق المنظم، وتعطشِ الناس إلى قيادةٍ إسلاميةٍ منهجيةٍ رشيدةٍ، عند هذا الحدِّ اكتشف الكثيرُ من العاملين للإسلام في هذه المرحلة أنهم كانوا يقعون -بشكلٍ منظمٍ- ضحية العمل الارتجالي، والتفكير الآني، وافتقد البعض اتزانهم الفكري، حين أفاقوا على حقيقة كونهمْ كانوا يُكَمِّلون النقصَ الخطير في معالم لوحة الصراع مع الباطل من مخيلاتهم بعيدًا عن حقائق الصراع، ومقتضياته الواقعية، والأمثلةُ كثيرةٌ في هذا المجالِ إلى الحدِّ الذي نَستغني معه عن التذكيرِ بها، وكان إدراك شيء من هذا الخلل الفكري، والعجز السياسي سببًا مباشرًا لما يمكن أن يسمى بصراعِ الأجيالِ داخلَ الطائفةِ الواحدة، والتيارِ الواحد، وَوَجَدَتِ التياراتُ السلفيةُ نَفْسَهَا مضطرةً لشرح تبدُّلِ اجتهاداتها حول قضايا متعددة على الصعيدين الدعويِّ والسياسيِّ معًا.