البشري، يتلاشى باطراد في مسار التطور الإنساني، ولقد مثلت العلمنة: تراجع المسيحية، وضياع أهميتها الدينية، وتحول معتقدات المسيحية إلى مفاهيم دنيوية، والفصل النهائي بين المعتقدات الدينية، والحقوق المدنية، وسيادة مبدأ:(دين بلا سياسة وسياسة بلا دين).
ومن نتائج العلمانية: فقدان المسيحية لأهميتها فقدانًا كاملًا، وزوال أهمية الدين كسلطة عامة؛ لإضفاء الشرعية على القانون والنظام والسياسة والتربية والتعليم، بل وزوال أهميته -أيضًا- كقوةٍ موجِّهَةٍ، فيما يتعلق بأسلوب الحياة الخاص للسواد الأعظم من الناس، وللحياة بشكل عام، فسلطة الدولة -وليس الحقيقة- هي التي تصنع القانون، وهي التي تمنح الحرية الدينية.
ولقد قدَّمت العلمانيةُ الحداثةَ باعتبارها دينًا حَلَّ محل الدين المسيحي، يفهم الوجود بقوانين دنيوية، هي العقل والعلم.
لكن -وبعد تلاشي المسيحية- سرعان ما عجزت العلمانية عن الإجابة على أسئلة الإنسانية التي كان الدين يقدِّم لها الإجابات، فالقناعات العقلية أصبحت مفتقرة إلى اليقين، وغَدَتِ الحداثةُ العلمانيةُ غيرَ واثقة من نفسها، بل وتُفَكِّكُ أنسَاقَهَا -العقلية والعلمية- عدميةُ ما بعد الحداثة، فدخلت الثقافة العلمانية في أزمة، بعد أن أدخلت الدينَ المسيحي في أزمة، فالإنهاك الذي أصاب المسيحية أعقبه إعياءٌ أصاب كلَّ العصر العلماني الحديث، وتحققت نبوءة (نيتشه)(١٨٤٤ - ١٩٠٠ م) عن