بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَلَا يُقَالُ الْجَمِيعُ زَادُ الْجِنِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ " «إِنَّمَا زَادُهُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ» ".
وَلِأَنَّهُ إِذَا اسْتَجْمَرَ بِشَيْءٍ نَجِسٍ أَوْرَثَ الْمَحَلَّ نَجَاسَةً غَيْرَ نَجَاسَتِهِ، وَمَا سِوَى نَجَاسَتِهِ لَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَفَ وَاسْتَنْجَى بِالنَّجِسِ لَمْ يُجْزِئْهُ الِاسْتِجْمَارُ. ثَانِيًا: وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ وَقِيلَ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ النَّجَاسَةَ مَائِعَةٌ لِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ، وَلَا يُقَالُ الْمَقْصُودُ الْإِنْقَاءُ وَقَدْ حَصَلَ لِأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ رُخْصَةٌ فَلَا يُسْتَبَاحُ بِمُحَرَّمٍ، وَلِأَنَّ الْإِنْقَاءَ مِنْ نَجَاسَةِ الْمُسْتَنْجَى بِهِ غَيْرُ حَاصِلٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُنْقِيًا؛ لِأَنَّ الْإِنْقَاءَ هُوَ مَقْصُودُ الِاسْتِجْمَارِ فَلَا يُجْزِئُ بِزُجَاجٍ وَلَا فَحْمٍ رَخْوٍ وَلَا حَجَرٍ أَمْلَسَ. الرَّابِعُ: أَنْ (لَا) يَكُونَ مُحْتَرَمًا مِثْلَ الطَّعَامِ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَعَامُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَعَلَفُ دَوَابِّ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.
لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ الْجِنَّ سَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ: " لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا زَادُ إِخْوَانِكُمْ» " وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً لِوُضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ قَالَ: " «ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ " فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي حَتَّى وَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ مَعَهُ. فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ فَقَالَ: " هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ وَنِعْمَ الْجِنُّ فَسَأَلُونِي الزَّادَ فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ إِلَّا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute