الْحَدِيثَ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ مَرْتَبَتَهُ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّهُ دُونَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَحْسَنُهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حُسْنٌ لَمْ يَقُلْ فِيهَا أَحْسَنُهَا، وَهَذَا مَعْنَى احْتِجَاجِ أَحْمَدَ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، وَقَوْلُهُ: رُبَّمَا أَخَذْنَا بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ يَعْنِي بِهِ الْحَسَنَ.
فَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُتَّهَمٌ أَوْ مُغَفَّلٌ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ أَصْلًا، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ السَّمَاعَ فِي رِجَالِهِ، وَهَذَا غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْعَمَلِ، بَلِ الْعَنْعَنَةُ مَعَ إِمْكَانِ اللِّقَاءِ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الرَّاوِيَ مُدَلِّسٌ.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ قَدْ تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ وَكَثُرَتْ مَخَارِجُهُ، وَهَذَا مِمَّا يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ لَهُ أَصْلًا، وَرُوِيَ أَيْضًا مُرْسَلًا رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ مَكْحُولٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " «إِذَا تَطَهَّرَ الرَّجُلُ، وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ طَهُرَ جَسَدُهُ كُلُّهُ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ لَمْ يَطْهُرْ مِنْهُ إِلَّا مَكَانُ الْوُضُوءِ» ".
وَهَذَا وَإِنِ احْتُجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً، فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي تُطَهِّرُ الْجَسَدَ كُلَّهُ حَتَّى تَصِحَّ الصَّلَاةُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ، فَإِذَا لَمْ تَحْصُلِ الشَّرْعِيَّةُ جُعِلَتِ الطَّهَارَةُ الْحِسِّيَّةُ وَهِيَ مُقْتَصِرَةٌ عَلَى مَحَلِّهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute