نَامَ أَكْثَرَ اللَّيْلِ لَزِمَ الْغَسْلُ دُونَ مَنْ بَاتَ أَقَلَّهُ كَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُ كُلَّ مَنْ نَامَ نَوْمًا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ فَإِنْ بَاتَ وَيَدُهُ فِي جِرَابٍ أَوْ مَكْتُوفًا وَجَبَ غَسْلُهُمَا فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِذَلِكَ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ، وَلَا تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِهَا فِي الْوُضُوءِ بَلِ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْرِدَهَا بِالتَّسْمِيَةِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْوُضُوءِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جُمْلَتِهِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ سُنَّةٌ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦] يَعُمُّ الْقَائِمَ مِنَ النَّوْمِ وَغَيْرَهُ لَا سِيَّمَا، وَقَدْ فَسَّرَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِالْقِيَامِ مِنَ اللَّيْلِ. وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا آخَرَ؛ وَلِأَنَّ الطَّهُورَ الْوَاجِبَ إِمَّا عَنْ خَبَثٍ، وَهِيَ طَهَارَةٌ بِإِجْمَاعٍ، وَإِمَّا عَنْ حَدَثٍ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَجْزَأَ غَسْلُهُمَا فِي جُمْلَةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ الْحَدَثِ، وَاكْتَفَى لَهُمَا بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
لِتَعْلِيلِهِ بِوَهْمِ النَّجَاسَةِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ رَوِيَ فِي لَفْظٍ صَحِيحٍ " «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الطَّهُورَ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا» " وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ غَسْلَ الْيَدِ الْمَسْنُونَ عِنْدَ الْوُضُوءِ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ حُكْمُ غَسْلِهِمَا هُنَا حُكْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute