للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسْتَرْسَلَ مِنَ الرَّأْسِ؛ وَلِأَنَّ الْفَرْضَ كَانَ عَلَى الْبَشَرَةِ قَبْلَ النَّبَاتِ فَلَمَّا نَبَتَ الشَّعْرُ انْتَقَلَ الْفَرْضُ إِلَيْهِ فَمَا لَمْ يُحَاذِ الْبَشَرَةَ لَمْ يَنْتَقِلْ إِلَيْهِ شَيْءٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «مَا مِنْ عَبْدٍ يَغْسِلُ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ» "؛ وَلِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الْمَحَلِّ الْمَغْسُولِ فَتَبِعَهُ، وَإِنْ طَالَ كَالظُّفُرِ إِذَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْأُصْبُعِ.

وَلِأَنَّ اللِّحْيَةَ تُشَارِكُ الْوَجْهَ فِي مَعْنَى التَّوَجُّهِ وَالْمُوَاجَهَةِ وَالْوَجَاهَةِ، بِخِلَافِ الذَّوَائِبِ فَإِنَّهَا لَا تُشَارِكُ الرَّأْسَ فِي التَّرَأُسِ وَالِارْتِفَاعِ، وَلِذَلِكَ كَانَ غَسْلُ اللِّحْيَةِ مَشْرُوعًا وَمَسْحُ الذَّوَائِبِ مَكْرُوهًا، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا قَدْ غَطَّى لِحْيَتَهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: " اكْشِفْ عَنْ وَجْهِكَ فَإِنَّ اللِّحْيَةَ مِنَ الْوَجْهِ» ". وَقَوْلُهُ مِنَ الْأُذُنِ إِلَى الْأُذُنِ يَعْنِي بِهِ مِنْ وَتَدِ الْأُذُنِ أَصْلِهَا دُونَ فَرْعِهَا فَلَمْ تَدْخُلِ الْأُذُنَانِ فِي الْوَجْهِ، فَأَمَّا الْبَيَاضُ بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَالْعِذَارُ فَمِنَ الْوَجْهِ.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ سَلَمَةَ مَا جَاوَزَ وَتَدَ الْأُذُنِ مِنَ الْعَارِضِ وَالْعَارِضَانِ مِنَ الْوَجْهِ؛ وَلِأَنَّهُ قَبْلَ نَبَاتِ الشَّعْرِ كَانَ يَجِبُ غَسْلُهُ إِجْمَاعًا وَكَذَلِكَ بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّوَجُّهِ وَالْمُوَاجَهَةِ وَالْوَجَاهَةِ؛ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْمُوضِحَةِ يَثْبُتُ فِي

<<  <   >  >>