جِهَةَ الْعُمُومِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَاصًّا فَإِنَّمَا وَجَبَ الِابْتِدَاءُ بِالصَّفَا لِأَنَّ اللَّهَ بَدَأَ بِهِ فِي خَبَرِهِ، فَلِأَنْ يَجِبَ الِابْتِدَاءُ بِالْوَجْهِ الَّذِي بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فِي أَمْرِهِ أَوْلَى؛ فَعَلَى هَذَا إِذَا نَكَّسَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ وَلَمْ يَصِرِ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا.
وَإِنْ نَوَى الْمُحْدِثُ وَانْغَمَسَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ رَاكِدٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ عَنِ الْعُضْوِ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهُ الْمَاءُ، فَإِذَا أَخْرَجَ وَجْهَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَاءِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا مُرَاعَاةَ لِلتَّرْتِيبِ فِي الِانْفِصَالِ.
وَالثَّانِي: يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ قَبْلَ انْفِصَالِ الْمَاءِ فَإِذَا مَكَثَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ مَا يَسَعُ التَّرْتِيبَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ مَكَثَ بِقَدْرِ غَسْلَ رِجْلَيْهِ أَوْ قُلْنَا يُجْزِئُ الْغَسْلُ عَنِ الْمَسْحِ أَجْزَأَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَفِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.
فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا فَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُ جَرْيَاتٍ أَجْزَأَهُ إِنْ مَسَحَ رَأْسَهُ إِنْ قُلْنَا: الْغَسْلُ يُجْزِئُ عَنِ الْمَسْحِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ قِيلَ يُجْزِئُهُ جَرْيَةٌ وَاحِدَةٌ لَكِنَّ عَلَيْهِ مَسْحَ رَأْسِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْمَسْحِ فَلَمْ تَصِحَّ طَهَارَةُ الرَّأْسِ وَلَا الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا بَعْدَهُ مَأْخُوذًا مِنْ نَصِّهِ فِي رَجُلٍ أَرَادَ الْوُضُوءَ فَاغْتَمَسَ فِي الْمَاءِ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَاءِ فَعَلَيْهِ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا حَصَلَتْ بِانْفِصَالِ الْعُضْوِ عَنِ الْمَاءِ.
كَمَا تَحَصَّلَتْ فِي الْمَاءِ الْجَارِي بِانْفِصَالِ الْمَاءِ عَنِ الْعُضْوِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى مَثَلِ ذَلِكَ فِي طَهَارَةِ الْجُنُبِ، وَيَسْقُطُ تَرْتِيبُ الْوُضُوءِ عَنِ الْجُنُبِ تَبَعًا لِلْغُسْلِ؛ إِذْ قُلْنَا يُجْزِئُ عَنْهُ الْغُسْلُ كَمَا سَقَطَ فِعْلُهُ حَتَّى لَوِ اغْتَسَلَ إِلَّا أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّرْتِيبُ فِيهَا لِبَقَاءِ حُكْمِ الْجَنَابَةِ فِيهَا، وَلَوْ غَسَلَ بَعْضَهَا عَنْهَا ثُمَّ أَحْدَثَ لَزِمَهُ التَّرْتِيبُ فِيمَا غَسَلَهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي بَاقِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute