قَالُوا: هَذَا كَانَ الْقِيَاسَ فِي الْجَوْرَبَيْنِ مَعَ النَّعْلَيْنِ لَكِنْ خَالَفْنَاهُ لِلْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى لُبْسِ الْجَوْرَبَيْنِ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِشَدِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يُلْبَسُ غَالِبًا (إِلَّا بِشَدِّهِ) وَقَدْ خَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجْهًا فِي اللِّفَافَةِ أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا إِذَا وَجَدَ مَشَقَّةً بِنَزْعِهَا فَالْخُفُّ وَالْجَوْرَبُ الَّذِي يَثْبُتُ بِالشَّدِّ أَوْلَى، وَهَذَا قِيَاسُ الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا ثَبَتَا بِنَعْلَيْنِ فَإِنْ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ لَكِنْ بِشَدِّهِ أَوْ شَرْجِهِ سَتْرُ الْقَدَمِ مَسَحَ عَلَيْهِ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَالسَّاتِرِ بِنَفْسِهِ، وَمَشَقَّةُ خَلْعِهِ أَظْهَرُ، وَفِي الْآخَرِ لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَمْ يَكْفِ ثُبُوتُهُ بِالشَّدِّ وَالشَّرْجِ فَكَذَلِكَ سَتْرُهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ السَّتْرَ لَيْسَ هُوَ مَقْصُودَ اللُّبْسِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَاهُ؛ لِئَلَّا يَجِبَ غَسْلُ الْبَادِي بِخِلَافِ ثُبُوتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ سَتَرَ الْقَدَمَ بِانْضِمَامِ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ لَجَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْمَنْصُوصِ فَهَذَا أَوْلَى، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخُفُّ مِنْ جُلُودٍ أَوْ لُبُودٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ زُجَاجٍ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي مَلْبُوسٍ مُعْتَادٍ كَمَا لَمْ يَجُزْ فِي اللَّفَائِفِ فَلَا يَجُوزُ فِي الْخَشَبِ وَالزُّجَاجِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ، وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ إِمَّا لِضِيقِهِ أَوْ ثِقَلِهِ أَوْ تَكَسُّرِهِ بِالْمَشْيِ أَوْ تَعَذُّرِهِ كَرَقِيقِ الْخَرَقِ أَوِ اللُّبُودِ لَمْ يَجُزْ مَسْحُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ.
وَأَمَّا الْخُفُّ الْمُحَرَّمُ كَالْحَرِيرِ وَالْمَغْصُوبِ فَقِيلَ: هُوَ عَلَى رِوَايَتَيِ الصَّلَاةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute