للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَنْ لَا خُفَّ عَلَيْهِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ لِقَصْدِ الْمَسْحِ، كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ لِأَنْ يَقْصُرَ.

الثَّالِثُ: أَنَّ الْمَسْحَ إِنَّمَا يَجُوزُ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى دُونَ الْكُبْرَى، لِمَا رَوَى صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ الْمُرَادِيُّ قَالَ: " «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنَّا سَفَرًا - أَوْ مُسَافِرِينَ - أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى يَجِبُ فِيهَا غَسْلُ مَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ كَبَاطِنِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَمَا هُوَ مَسْتُورٌ بِغَيْرِ الْخِلْقَةِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ فِيهِ غَسْلُ مَا اسْتَتَرَ بِنَفْسِ الْخِلْقَةِ فَجَازَ أَنْ يُشَبَّهَ بِهِ الْخُفُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْوُضُوءَ يَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الْغُسْلِ؛ وَلِأَنَّ الْغُسْلَ يُشَبَّهُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ حَيْثُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ مَحَلَّهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ.

وَلِأَنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً، فَيَحْتَاجُ إِلَى بَلِّ الشَّعْرِ وَإِنْقَاءِ الْبَشَرِ.

الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُقِيمَ يَمْسَحُ يَوْمًا وَلَيْلَةً والْمُسَافِرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، فَإِذَا مَضَتِ الْمُدَّةُ بَطَلَ حُكْمُ الطَّهَارَةِ وَيَحْتَاجُ إِلَى لُبْسٍ ثَانٍ عَلَى طَهَارَةِ غُسْلٍ إِنْ أَحَبَّ الْمَسْحَ ثَانِيًا وَهَلُمَّ جَرَّا؛ سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَالُ شِدَّةِ الْبَرْدِ وَغَيْرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ.

<<  <   >  >>