بِالْيَدَيْنِ وَلَا يُسَنُّ تِكْرَارُ الْمَسْحِ، وَلَا يُتْبَعُ مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ بِالْمَاءِ، وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ لِمَا ذَكَرْنَا.
قَالَ أَحْمَدُ: " الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ هُوَ مَسُّ أَعْلَاهُ خُطَطًا بِالْأَصَابِعِ " وَقَالَ: هُوَ أَثْبَتُ عِنْدَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ، وَمَسَحَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى رَأَيْتُ آثَارَ أَصَابِعِهِ، وَكَذَلِكَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ وَالتِّكْرَارَ يُوهِيهِ وَيُخْلِقُهُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَالْوَاجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِهِ فَلَا يُجْزِئُ مَسْحُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيُسَمَّى مَسْحًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَوْلُهُ: " «إِنَّمَا أُمِرْتُ هَكَذَا مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إِلَى أَصْلِ السَّاقِ» " وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْبَيَانِ لِلْمَسْحِ الْمُسْقِطِ لِفَرْضِ الْغَسْلِ.
وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَغَيْرِهِ " أَنَّهُ مَسَحَ بِكَفِّهِ " وَفِعْلُهُ هُوَ الْمُفَسِّرُ لِلْمَسْحِ الْمَفْرُوضِ، وَقَدْ كَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي مَسْحَ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ مَغْسُولٍ فَكَانَ كَالْجَبِيرَةِ وَعُضْوَيِ التَّيَمُّمِ لَكِنْ سَقَطَ أَسْفَلُهُ وَعَقِبُهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فَبَقِيَ ظَاهِرُهُ، وَالْأَكْثَرُ يُقَامُ مَقَامَ الْجَمِيعِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ بِخِلَافِ الْأَقَلِّ، وَالْمَفْرُوضُ مَسْحُ أَكْثَرِ ظَهْرِ الْقَدَمِ، فَلَوْ مَسَحَ بَدَلَ ذَلِكَ أَسْفَلَهُ أَوْ عَقِبَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِمَا رَوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute