وَلَا بُدَّ أَنْ يَبْتَدِئَ لُبْسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى يَكْفِيهِ أَنْ يُدْخِلَ كُلَّ قَدَمٍ وَهِيَ طَاهِرَةٌ، فَلَوْ غَسَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ ثُمَّ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ لَمْ يُبَحْ لَهُ الْمَسْحُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ حَتَّى يَخْلَعَ مَا لَبِسَهُ قَبْلَ تَمَامِ طُهْرِهِ فَلْيَلْبَسْهُ بَعْدَهُ، وَلِذَلِكَ لَوْ نَوَى الْجُنُبُ رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا الْخُفَّ ثُمَّ تَمَّمَ طَهَارَتَهُ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُحْدِثُ، وَقُلْنَا: التَّرْتِيبُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْأُولَى، وَجَازَ عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: («أَدْخَلْتُ الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ») وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الْأَفْرَادِ عَلَى الْأَفْرَادِ، كَمَا يُقَالُ دَخَلَ الرَّجُلَانِ الدَّارَ وَهُمَا رَاكِبَانِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ كِلَيْهِمَا رَاكِبٌ حِينَ دُخُولِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ إِذْ ذَاكَ رَاكِبًا أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ الْمُتَقَدِّمِ إِذَا أَدْخَلْنَاهُمَا مَعَ طُهْرٍ وَذَاكَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الطُّهْرُ الْكَامِلُ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
وَالتَّطَهُّرُ إِنَّمَا هُوَ كَمَالُ التَّوَضُّؤِ؛ وَلِأَنَّ اللُّبْسَ اعْتُبِرَتْ لَهُ الطَّهَارَةُ فَاعْتُبِرَتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute