للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَرَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ فَهُوَ مُعْتَضِدٌ بِمَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّهُ مَسَحَ عَلَى حَائِلٍ فَأَجْزَأَهُ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ، كَمَسْحِ الْخُفِّ وَالْعِمَامَةِ وَأَوْلَى، لِأَنَّ هَذَا يَتَضَرَّرُ بِالنَّزْعِ، وَلَابِسُ الْخُفِّ لَا يَتَضَرَّرُ بِالنَّزْعِ، وَلِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَلْحَقَ بِذِي الْجُرْحِ الظَّاهِرِ أَوْ بِلَابِسِ الْخُفِّ أَوْ بِهِمَا.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ لَا حَائِلَ هُنَاكَ يَنْتَقِلُ الْفَرْضُ إِلَيْهِ وَيُجْعَلُ الْجُرْحُ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ.

وَالثَّانِي: أَضْعَفُ مِنْهُ؛ لِأَنَّنَا إِذَا أَلْحَقْنَاهُ بِهِمَا عَظُمَتِ الْمَشَقَّةُ وَأَوْجَبْنَا طَهَارَتَيْنِ عَنْ مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَجَعَلْنَاهُ أَغْلَظَ مِنْ لَابِسِ الْخُفِّ مَعَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّخْفِيفِ مِنْهُ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَلْحَقَ بِلَابِسِ الْخُفِّ لَا سِيَّمَا وَطَهَارَةُ الْمَسْحِ تُشَارِكُ الْغَسْلَ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، وَأَنَّهَا بِالْمَاءِ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ صَاحِبِ الشَّجَّةِ فَمَعْنَاهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ يَكْفِيهِ إِمَّا التَّيَمُّمُ وَإِمَّا أَنْ يَعْصِبَ عَلَى شَجِّهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجُرْحَ الظَّاهِرَ لَا يُوجِبُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَأَنْ يَعْصِبَ ثُمَّ يَمْسَحَ الْعِصَابَةَ، وَالْوَاوُ وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى " أَوْ " كَمَا فِي قَوْلِهِ " {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] " وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَمْسَحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ أَيْضًا، وَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؟ تُخُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: أَظْهَرُهُمَا لَا يُعِيدُ، وَفِي عِصَابَةِ الْفِصَادِ يَمْسَحُ وَيَتَيَمَّمُ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ، فَعَلَى هَذَا الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ شَدُّهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَمْ لَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقَوْلُهُ: " إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِشَدِّهَا مَوْضِعَ الْحَاجَةِ " يَعْنِي أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى أَنْ يَتَجَاوَزَ بِهَا مَوْضِعَ الْكَسْرِ، فَإِنَّ الْجَبِيرَةَ تُوضَعُ عَلَى طَرَفَيِ الصَّحِيحِ لِيَنْجَبِرَ الْكَسْرُ، وَقَدْ يَتَجَاوَزُ بِهَا إِلَى جُرْحٍ أَوْ وَرَمٍ أَوْ

<<  <   >  >>