وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ لَهَا الطَّهَارَةُ قَبْلَ الشَّدِّ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَغَيْرُهُمَا، وَأَشَارَ الْخَلَّالُ أَنَّهَا الرِّوَايَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ اشْتِرَاطَ الطَّهَارَةِ فِي الْعِمَامَةِ وَالْخُفِّ، ثُمَّ ذَكَرَ الْجَبِيرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لَهَا ذَلِكَ، لِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّهَارَةِ.
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ، وَكَذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَتُفَارِقُ الْخُفَّ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكَسْرَ وَالْفَكَّ يَقَعُ فَجْأَةً وَبَغْتَةً وَيُبَادَرُ إِلَى إِصْلَاحِهِ عَادَةً، فَفِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ حَرَجٌ عَظِيمٌ وَرُبَّمَا تَعَذَّرَتِ الطَّهَارَةُ بِأَنْ يَجْرِيَ دَمٌ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَلَا يُمْكِنُ إِعَادَتُهَا إِلَّا بِغَسْلِ الْمَحَلِّ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فَيُضْطَرُّ إِلَى شَدِّهَا عَلَى الْحَدَثِ، فَإِمَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِالتَّيَمُّمِ فَقَطْ، فَالْمَسْحُ خَيْرٌ مِنَ التَّيَمُّمِ، أَوْ بِهِمَا، وَهُوَ خِلَافُ الْأُصُولِ فَيَتَعَيَّنُ الْمَسْحُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْجَبِيرَةَ كَالْأَعْضَاءِ، وَتَجْرِي مَجْرَى جِلْدَةٍ انْكَشَطَتْ ثُمَّ أُعِيدَتْ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُمْسَحُ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَأَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي مَسْحِهَا، بِخِلَافِ الْخُفِّ فَإِذَا حَلَّ الْجَبِيرَةَ أَوْ سَقَطَتْ فَهُوَ كَمَا لَوْ خَلَعَ الْعِمَامَةَ يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ الطَّهَارَةِ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى يَكْفِيهِ غَسْلُ مَوْضِعِهَا وَالْبِنَاءُ عَلَى مَا قَبْلَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَسَحَهَا فِي غَسْلٍ يَعُمُّ الْبَدَنَ كَالْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ، فَيَسْقُطُ الِاسْتِئْنَافُ بِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ، وَالْمَسْحُ عَلَى حَائِلِ الْجُرْحِ أَوِ الدُّمَّلِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالْمَسْحِ عَلَى حَائِلِ الْكَسْرِ سَوَاءٌ كَانَ عِصَابَةً أَوْ دَوَاءً أَوْ مَرَارَةً أَوْ لُصُوقًا سَوَاءٌ تَضَرَّرَ بِنَزْعِ الْحَائِلِ دُونَ الْغَسْلِ أَوْ بِالْغَسْلِ دُونَ نَزْعِ الْحَائِلِ أَوْ بِهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي رِجْلِهِ شَقٌّ جَعَلَ فِيهِ قِيرًا أَوْ شَمْعًا مُغْلًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَتَضَرَّرَ بِنَزْعِهِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى لَا يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْكَيِّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، حَيْثُ اسْتُعْمِلَ بَعْدَ إِغْلَائِهِ بِالنَّارِ، وَالرُّخَصُ لَا تَثْبُتُ مَعَ النَّهْيِ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى، وَفِي كَرَاهِيَةِ الِاكْتِوَاءِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يُكْرَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute