للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذَّكَرِ بِالذَّكَرِ لِأَنَّ الْخِطَابَ كَانَ لِلرِّجَالِ وَلِهَذَا قُلْنَا مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ وَذَكَرَ غَيْرِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: " ذَكَرَهُ " إِنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَمَسُّ ذَكَرَ نَفْسِهِ، وَقَدْ رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي مَسِّ حَلَقَةِ الدُّبُرِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: يَنْقُضُ، اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ " «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ» "، وَلِأَنَّهُ مَخْرَجُ الْحَدَثِ فَيَنْقُضُ " كَالذَّكَرِ " وَالْأُخْرَى لَا يَنْقُضُ وَاخْتَارَهَا بَعْضُهُمْ، قَالَ الْخَلَّالُ: " وَالْعَمَلُ وَالْأَشْيَعُ فِي قَوْلِهِ، وَحُجَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ مَنْ مَسَّ الدُّبُرَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ " " فَيَكُونُ هُوَ الْمُرَادَ بِالْفَرَجِ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: ٣٠].

وَلَا يُمْكِنُ إِلْحَاقُهُ بِهِ لِأَنَّ مَسَّهُ لَيْسَ هُوَ مَظِنَّةً لِخُرُوجِ خَارِجٍ أَصْلًا بِخِلَافِ الْقُبُلِ وَلَا يَنْقُضُ مَسُّ الْفَرْجِ الْمَقْطُوعِ الْمُنْفَصِلِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَيَنْقُضُ فِي الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَسَّ ذَكَرَهُ، وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ لِأَنَّهُ بِالِانْفِصَالِ لَمْ يَبْقَ لَهُ جُرْمٌ وَلَا مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ خَارِجٍ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الذَّكَرِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَسَّ يَدًا

<<  <   >  >>