الْوُضُوءُ مِنْهَا هُوَ النَّاسِخُ، فَفِي الْوُضُوءِ احْتِيَاطٌ وَخُرُوجٌ مِنَ الْخِلَافِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدَاوِمُ عَلَى تَرْكِهِ أَخِيرًا وَهُوَ لَا يُدَاوِمُ عَلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوُضُوءَ مِنْهُ قَدِيمًا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ الْأَمْرَ بِهِ، وَإِنَّمَا صَحِبَهُ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَحَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ فِي تَرْكِهِ كَانَ فِي مَخْرَجِهِ إِلَى خَيْبَرَ، فَعَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِ اسْتِحْبَابًا وَيَفْعَلُهُ وَيَتْرُكُهُ أَحْيَانًا، ثُمَّ يَتْرُكُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِدَلِيلِ عَمَلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ.
فَصْلٌ
كَلَامُ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقْتَضِي أَنْ لَا وُضُوءَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ وَغَيْرِهِمَا؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَيْسَ فِي مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إِذَا غَسَّلْتُمُوهُ، فَإِنَّ مَيِّتَكُمْ لَيْسَ بِنَجِسٍ، فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ» " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا فِي خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيِّ وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَهُمَا مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ يَمَّمَهُ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوؤُهُ، فَكَذَلِكَ إِذَا غَسَّلَهُ، وَلِأَنَّهُ آدَمِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute