التُّرَابَ سَمَّاهُ ثَامِنًا لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَإِلَّا قَالَ: فَاغْسِلُوهُ ثَمَانِيًا وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ، كَمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ» ".
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْكَلْبِ فَالْخِنْزِيرُ الَّذِي لَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ أَصْلًا وَنَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ أَوْلَى، وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ التُّرَابَ فِي أَيِّ غَسْلِهِ شَاءَ فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ يَتَضَرَّرُ بِالتُّرَابِ لَمْ يَجِبِ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.
وَيُجْزِئُ مَوْضِعَ التُّرَابِ الْأُشْنَانُ وَالصَّابُونُ وَنَحْوُهُمَا فِي " أَقْوَى الْوُجُوهِ ".
وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ التُّرَابِ، وَأَمَّا الْغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ فَلَا تُجْزِئُ بَدَلَ التُّرَابِ فِي الْأَصَحِّ وَيَجِبُ التَّسْبِيعُ، وَالتُّرَابُ فِي جَمِيعِ نَجَاسَاتِ الْكَلْبِ مِنَ الرِّيقِ وَالْعَرَقِ وَالْبَوْلِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِ نَجَاسَتِهِ الَّتِي لَا تَتَضَرَّرُ بِالتُّرَابِ فِي الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ عَنْهُ: لَا يَجِبُ التُّرَابُ إِلَّا فِي الْإِنَاءِ خَاصَّةً، وَأَمَّا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ فَعَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَهَذَا طَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِشَرَفِهِ وَهُوَ الْإِنْسَانُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ سُؤْرُ الْكَافِرِ.
وَالثَّانِي مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا هُوَ طَوَّافٌ عَلَيْنَا كَالْهِرِّ وَمَا دَوَنَهَا فِي الْخِلْقَةِ مِثْلُ الْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَالْعَقْرَبِ وَشِبْهُ ذَلِكَ، فَهَذَا لَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ إِلَّا مَا تَوَلَّدَ مِنَ النَّجَاسَاتِ كَدُودِ النَّجَاسَةِ وَالْقُرُوحِ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا لِنَجَاسَةِ أَصْلِهِ لِمَا «رَوَتْ كَبْشَةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهَا سَكَبَتْ وَضُوءًا لِأَبِي قَتَادَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute